الباحث الأهوازي الدكتور عبد النبي القيّم
الفصل الثامن جاء تحت عنوان العلاقات الخارجية ، حيث يتحدث فيه المؤلف، عن علاقات الشيخ خزعل مع العثمانيين والتي يصفها على أنها كانت علاقات تسودها الشك و الريبة ، ولعل هذا الوضع هو الذي حمله على التقارب مع البريطانيين، لأنه اعتقد عبر ذلك بإمكانيه الحفاظ على منطقته من اعتداءات القوى العظمى ...الخ ،كذلك يتحدث المؤلف عن علاقات الشيخ خزعل مع الروس، فيقول ،بما أن علاقات الشيخ خزعل مع البريطانيين ، كانت قوية جدا وهو أقوى حليف لهم في الجنوب ، من هنا فان الروس في مواجهة الشيخ يضعون شتى العراقيل، كما يمارسون أشد الضغوط على الحكومة القاجارية، بما فيها التدخل العسكري، وذلك للحد من ازدياد قوة الشيخ وسطوته . كما يرى المؤلف إن "هذه السياسة العدائية لم تتغير واستمرت في عهد البلاشفة على نفس المنوال" ،و يضيف المؤلف إن "علاقات الشيخ مع الروس لا يمكن لنا مقارنتها بأي حال من الأحوال مع علاقته مع البريطانيين ولا من حيث المستوى والعمق حتى مع العثمانيين ، فقد كانت علاقات خزعل بالروس قبل الثورة البلشفية عام 1917 محددة للغاية . "
كما يتحدث المؤلف في هذا الفصل عن علاقات الشيخ خزعل مع كل من الكويت والمملكة العربية السعودية و العراق ، أما بالنسبة للكويت فيرى إن علاقات البوكاسب وارتباطاتهم مع شيوخ الكويت، كانت من أقوى العلاقات وأصدقها بالمقارنة مع العلاقات التي كانت بينهم وبين غيرهم من جيرانهم" .كما يتحدث عن علاقات التعاون بينهما ووقوفهما إلى جانب بعضهما في المحن والأزمات، أما العلاقات مع عبد العزيز بن سعود فكانت علاقات قوية ومحكمة، أما مع الجار العراقي فهي الأخرى جيدة الأمر الذي دفع الشيخ خزعل ليكون ملكا على العراق.
الفصل التاسع ، جاء تحت عنوان المجيء برضاخان ، ويتحدث فيه عن الأوضاع في ايران أبان الحرب العالمية الأولى وما رافقها من أحداث، من بينها انقلاب السيد ضياء الطبطبائي ، ويشير إلى إن " إيران في عام 1914 أي مع بداية الحرب العالمية الأولى كانت عمليا واقعة تحت السيطرة الروسية و البريطانية" ، و لا ينسى طموح العثمانيين والألمان ودورهم المتزايد لإيجاد موطئ قدم لهم في ايران . كما يلقي الضوء على الثورة البلشفية وما نتج عنها، بما فيها تغير سياسات روسية السابقة تجاه ايران ، لأن النظام الجديد في روسيا ألغى معاهدة عام 1907.وأثناء ذلك يتحدث عن الكثير من الأحداث التي كانت السبب وراء مجيء البريطانيين برضا شاه إلى دفة الحكم .
الفصل العاشر، يتحدث فيه المؤلف عن ظهور رضاخان، و" حروبه في كل من شمال وشمال غرب ايران، وتمكنه من القضاء على كل من حركة ميرزا كوجك خان في جيلان ، و انتفاضة أمير مؤيدي في مازندران، وإلحاق الهزيمة بإسماعيل سميتقو في كردستان، وكذلك إقدام قوام السلطنة في القضاء على انتفاضة الكولونيل محمد تقي خان بسمان في خراسان" ، و"استغرقت الفترة منذ انقلاب فبراير عام 1921 وحتى سقوط خزعل في نيسان من عام 1925 ما يقارب الأربع سنوات .استطاع خلالها رضا شاه تكوين جيش قوي ومجهز وذلك من أجل مواجهة الشيخ خزعل، لأنه كان يدرك مكانة الشيخ خزعل وأهمية الموقع الجغرافي للمنطقة الواقعة تحت سيطرته، وتحالفاته مع قبائل البشتكوه، والعشائر البختيارية والقشقاي"، بالإضافة إلى مسائل أخرى، وفي هذا المجال يشرح بإسهاب تحركات رضا شاه والتي كانت مدعومة من قبل البريطانيين وتخليهم عن الشيخ خزعل ويشير إلى حادثة " شليل" التي تصدى فيه البختياريين لطلائع جيش رضا شاه أثناء عبورهم من مضيق مرواريد، فقتلوا منهم 80 وجرحوا 20 وأسروا أعدادا أخرى .و أقسم رضا شاه على الانتقام ، لأنه كان جازما، أن الشيخ خزعل والبختياريين، هما من يقف خلف هذا الهجوم ".وفي هذا الفصل يشير المؤلف لكثير من الأحداث التي وقعت في تلك الفترة و منها تحركات جيش رضا وغيرها والتي لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا.
الفصل الحادي عشر ، يخصصه المؤلف لعلاقات الشيخ خزعل مع السوفييت والآخرين، حيث يقول المؤلف ، " لكي يكتمل هذا البحث لا بد لنا الحديث عن الاتحاد السوفيتي وموافقه إزاء الشيخ خزعل، و كذلك عن علاقات شيخ خزعل مع أحمد كسروي وأيضا علاقته مع قبيلة آل كثير" .
يقول المؤلف أنه" مما لاشك فيه أن وقوع الثورة البلشفية في أكتوبر من عام 1917وتأسيس ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، تعد من اهم الأحداث التي وقعت في القرن العشرين ، وقد غيرت هذه الثورة معادلات القوة ليس على مستوى المنطقة و حسب، وإنما على مستوى العالم بأسره ... ،الأمر الذي أثار هلع البريطانيين خوفا من اتساع وانتشار نفوذ الشيوعية ،ولعل من تبعات هذه الأحداث الدراماتيكية، وقوع انقلاب فبراير عام 1921 وتشكيل ديكتاتورية رضا خان العسكرية والتضحية بحلفائهم الصغار والكبار لصالح هذه الديكتاتورية" .
وبعد أن يعرض المؤلف موقف البلاشفة الداعم لرضا خان و المعادي للشيخ خزعل، لأنهم اعتقدوا ، أن الثورة الإيرانية هي" بمثابة مفتاح لثورة شاملة" في منطقة الشرق عموما ، لذلك سعوا بعد أكتوبر عام 1917 إلى إقامة علاقة ود وصداقة مع ايران . ثم يشير المؤلف إلى انقسام الراي داخل الحزب الشيوعي آنذاك حول الموقف من تقيم ما يجري في ايران، فيقول" أن تيار من الحزب بقيادة سيانف، كان يرى أن فكرة تغيير النظام في ايران تحت الإشراف البريطاني المباشر ، بالتحليل النهائي فكرة رجعية تسعى إلى دعم واستمرار الحياة الإقطاعية، وعليه لابد من النضال ضد رضا شاه، والعمل على تمهيد الطريق لقيام ثورة فلاحية في ايران ، أما التيار الآخر الذي يقوده جئورجوكريازين، كان يعتقد إن تغيير النظام في ايران هو خطوة نحو البرجوازية، ويجب علينا دعمه ، أما بقية المنظرين الروس ومن جملتهم شومياتسكي فقد اعتبروا الشيخ خزعل"ممثلا للإقطاعيين" ورضا شاه ممثلا للبرجوازية الديمقراطية. وفي الحقيقة أن الروس من جهة تفاجؤوا بعد مجيء رضا خان للسلطة و من جهة أخرى كانوا مسرورين لأنهم اعتقدوا أنه يقود حركة وطنية ثورية وأن انقلابه بداية لمرحلة جديدة. واعتقدوا أن الدكتاتورية العسكرية مرحلة عابرة وسوف تنتهي في خاتمة المطاف إلى قيام نظام جمهوري في ايران . وانطلاقا من ذلك وضع البلاشفة على جدول أعمالهم دعم رضا ومعادة شيخ خزعل". وتجنبا للإطالة أعرضنا عن ترجمة جميع ما جاء في الفصل الحادي عشر.
الفصل الثاني عشر، خصصه المؤلف للأوضاع الاقتصادية– الاجتماعية أبان فترة حكم الشيخ خزعل ويقدم لنا تحليلا دقيقا وعلميا قلما نجده في المصادر الأخرى . يرى المؤلف "أن فترة حكم الشيخ خزعل والتي استمرت 28 عاما وبسبب وقوع الأحداث الهامة و المصيرية في المجالات الداخلية والخارجية كانت على غاية كبيرة من الأهمية، فخلال هذه المرحلة وبسبب اكتشاف البترول عام 1908 وحضور التقنيين وقوى العمالة الأجنبية الماهرة، تغيرت الحياة الاقتصادية للمواطنين عما كانت عليه سابقا . فاحتياج الصناعة النفطية إلى اليد العاملة الرخيصة، من أجل مد أنابيب نقل البترول وكذلك إحداث مصفاة النفط في مدينة عبادان، دفع لاستخدام العمالة المحلية ، وفي بعض الفروع التخصصية تمت الاستفادة من القوى العاملة البريطانية و العمال الهنود. كما أن حرية الملاحة في نهر كارون وتواجد شركات النقل البحري البريطانية هي الاخرى تسببت في تواجد البواخر والعاملين عليها .إضافة لما ورد باشرت هذه الشركات بفتح مكاتب لها في المنطقة. كما أن احتياج صناعة الملاحة من اجل شحن و تفريغ حمولاتها في الموانئ تسبب في ظهور شريحة جديدة من العمال . "
ويضيف المؤلف، "رغم التأثيرات الآنفة الذكر الهامة التي حدثت في مجال التحولات الاقتصادية للمنطقة، إلا أن اقتصاد المنطقة بقي اقتصادا زراعيا، فالزراعة و نتيجة لأساليب الإنتاج التقليدية، وكذلك بدائية آلات وسائل الإنتاج كانت يعطي مردودا قليلا وبالتالي كان المواطنين يعانون من الفقر والحرمان .ويضيف المؤلف إلى جانب ممارسة مهنة الزراعة، هناك من المواطنين من عمل في مجال تربية الماشية، وعاش حياة الترحال والسكن داخل الخيم. ... الخ ."
وفيما يخص التجارة، يقول المؤلف" إن التجارة تشكل البعد الآخر لاقتصاد المنطقة ، وكان الشيخ خزعل يوليها اهتماما خاصا، بما إن مستلزمات التجارة تتطلب توفير أمن التجار والطرق التجارية ، من هنا فقد كان توفر الأمن و استتبابه خلال عهد الشيخ خزعل السبب الرئيسي في ازدياد النشاط التجاري ونموه على نطاق واسع ، وكان الشيخ شخصيا يبت في شكاوى التجار و يبذل قصارى جهوده من أجل حلها ... الخ"
وعن الأسباب التي حالت دون انخراط التجار العرب في الأعمال التجارية يقول المؤلف : "توضح الدراسات والبحوث أن السكان الأصليين لم يتمكنوا من الانخراط في هذا القسم من ا لاقتصاد ( يعني التجارة ) ، من هنا فإنه في عهد الشيخ خزعل لم يكن هناك تجارا عربا كبارا ولا متوسطين أيضا، و لعل مرد ذلك يرجع إلى البنية القبلية وسيطرة قيمها على المجتمع ، حيث كانت الحائل دون اجتياز المرحلة القبلية إلى المراحل الأخرى ، كما تسببت في تأخير تشكيل شريحة التجار المحليين أيضا . ولكن ربما من العوامل التي ساهمت في عدم نمو التجارة المحلية وعدم تشكيل شريحة التجار المحليين ، هي احتكار التجارة الخارجية من قبل الشيخ خزعل وحصرها به تحديدا . وفي هذا المجال سار الشيخ خزعل على منوال أخيه الشيخ مزعل، الذي كان قد احتكر التجارة وحصرها بيده هو الآخر. إن هذا العامل بالإضافة إلى القيم القبلية البائدة وعدم رغبة أفراد القبيلة في مزاولة النشاطات التجارية، كان السبب وراء عدم نمو شريحة التجار المحليين في المنطقة ، لذلك كان جميع التجار الكبار في المنطقة من غير العرب ... الخ" . نكتفي بهذا القدر من ترجمة الفصل الثاني عشر وننتقل إلى الفصل الذي يليه.
الفصل الثالث عشر، لقد تحدث فيه المؤلف عن مواجهة رضا خان مع الشيخ خزعل ، وتناول فيه الطريقة التي تحرك فيها رضا خان للمواجهة مع خزعل ، حيث اتخذ هذا التحرك منحيين مرتبطين ببعضهما البعض , منحى سياسي و منحى آخر عسكري ، ويقول المؤلف" بما إن خلفية رضا خان هي عسكرية، فمن المستبعد أن تكون هذه التحركات هي من إنتاج أفكاره ، لأنه كما يعلم الجميع، دخل سلك الخدمة العسكرية في جيش القوزاق وهو في سن الخامسة عشرة من عمره ، كما أنه لم يكن متعلما بشكل صحيح"، ويضيف المؤلف "أنه بلغ تعداد جيشه عشية تحركه نحو إخضاع خزعل 40 ألف جندي" و يضيف المؤلف " أن رضا خان لا يستطيع مواجهة الشيخ حزعل دون سحق المقاومة البختيارية ، لأن دور البختياريين في الصراع بين خزعل و رضا خان كان دورا مصيريا" . وبعد سرد الكثير من الأحداث والتطورات يقول المؤلف، "إن الشيخ حزعل كان قلقا من تلك التحركات واعتبرها محاولات للنيل ومن حكمه وسلطته ، من هنا بعث ببرقية تهديد إلى بيل مسؤول القنصلية البريطانية في مدينة الأهواز قال فيها " يجب أن أدافع عن حقوقي بأي ثمن ولا أستطيع أن أمنع منع أفراد قبيلتي من الدفاع إزاء الخيانة التي تمس بحقوقهم " ويضيف المؤلف، " إن الشيخ خزعل وفي سبيل موجهة رضا خان تحرك على عدة محاور وهي باختصار ما يلي :
الأول سعيه لتكوين اتحاد مع رؤساء ووجهاء العشائر البختيارية و اللر وعرب خمسة لتشكيل حلف بينهما للحد من سلطة رضا شاه ، الثاني تقوية علاقاته مع الملك أحمد شاه ، المحور الثالث ،تقوية أواصر العلاقة مع المعارضة في المجلس ، الرابع التذكير بتعهدات وضمانات الحكومة البريطانية و ضرورة الالتزام بها ، الخامس الاتصال بكبار رجال الدين في النجف من مراجع و مجتهدين بغية كسب دعمهم و تأييدهم له ...الخ . " بهذا نكتفي بما جاء في الفصل الثالث عشر وننتقل إلى الفضل الرابع عشر والأخير .
الفصل الربع عشر والاخير
و في الفصل يشرح المؤلف بشكل دقيق ومسهب ويرصد تحركات رضا شاه منذ تحرك بجيشه إلى المنطقة و المناوشات التي جرت بينه وبين أتباع الشيخ خزعل وحلفائه من غير العرب من جهة وجنود رضا شاه من جهة أخرى ، ويقول المؤلف "أنه رغم الإمكانيات العسكرية والبشرية الهائلة التي كان يمتلكها الشيخ ورغم الفرص التي سنحت له للقضاء على رضا شاه إلا انه لم يستغل أي منها كما أن رضوخه و استسلامه لرضا شاه لايزال يثير الكثير من التساؤلات حتى اعتبره البعض لغزا كبيرا" وفي هذا الصدد ينقل المؤلف عن ملك الشعراء بهار قوله " إن تنازل الشيخ خزعل لرضا شاه وطلب الاعتذار منه " لغز كبير " ومن" أساطير القرن الأخير العجيبة " ، ويضيف المؤلف، مما لاشك فيه إن اعتماد الشيخ المتزايد على البريطانيين وخدعاهم له هو بيت القصيد في هذا " اللغز " الكبير" وهنا يشرح المؤلف الكثير من الأحداث ، بما فيها وصول رضا خان الى المنطقة ومن ثم سيطرته بعد ان تمكن من اسر الشيخ خزعل .
في الخاتمة يقول المؤلف، "إن الشيخ خزعل بعد أسره كان تحت الإقامة الجبرية من20 أبريل-نيسان 1925 حتى وفاته في 25 مايو- أيار 1935 يسكن في قصر زوجته فخر السلطنة الواقع في شميران في منطقة تسمى الإمام القاسم ، وقد تم قتله بأمر من رضا خان الذي كلف مجموعة من عملائه بتنفيذ هذه المهمة وهم بقيادة ركن الدين مختاري عباس بختياري المعروف بعباس أبو ست أصابع، وحسين قلي فرشجي تبريزي، يساعدهم كل من عباس ياوري، علي اصغر عقيلي بور وعباس حمشيدي حيث تعاونوا على خنق الشيخ ودق بسمار في صدغه، وبذلك فارق الشيخ خزعل الحياة عن عمر ناهز أل 75 عام. ويضيف المؤلف، بعد مقتل الشيخ خزعل لم يسمح رضا خان لأسرته بنقل جثمانه ، ولكن بعد موت رضا شاه سمح للعائلة في عهد محمد رضا شاه بنقل رفاته إلى النجف وذلك عام 1955 أي بعد مرور ما يقارب 20 عام على وفاته " .
وفي الخاتمة يمكن القول انه بعد قراءتنا لكتاب الدكتور عبد النبي القيم "صعود و هبوط الشيخ خزعل " وجدناه على قدر كبير من الأهمية وذلك لما يحتويه من معلومات تاريخية هامة و دقيقة وموثقة وهو أول كتاب من نوعه يصدر باللغة الفارسية حول الشيخ خزعل، من هنا لا يسعنا إلا أن نهنئ المؤلف على هذا الجهد الكبير ونتمنى له كل التقدم و النجاح.
ترجمة : جابر احمد