موقع المستقلين الاحوازيين
الانتحار الثقافي المزدوج و المتواصل لأبناء الأهواز !

الانتحار الثقافي المزدوج و المتواصل لأبناء الأهواز !

ترجمة وإعداد : أحمد رحمة العباسي

هذا جزء من مقال مطول كتبه الأكاديمي الاهوازي الفقيد الدكتور علي الطائي ، في عام ٢٠٠٨ و نشره في دورية فارسية في امريكا و جاء في كتابه باللغة الفارسية ( نا گفته ها ) و الذي صدر مؤخرا في إيران و ذلك ردا على إيراني عنصري يدعى الدكتورسيد جلال متيني و يأتي في إطار رد و تصدي الفقيد للاقلام الظلامية و الشوفينية و الحاقدة على العرب من قبل الفرس العنصريين .
وقمت بترجمة المقال و نشره على أجزاء وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيله و التي تصادف اليوم 25 / يوليو .
( الجزء الاول )
----------------------------------
الذین یتحدثون عن إيران فی ظل توجهاتهم القومیة أو الملكية أو فارسية العنصرية دون الوقوف الدقيق والموضوعي على التركيبة الاجتماعية للمجتمع الإيراني و الذي كان ومايزال عبرالتاريخ مجتمعا ؛ كثير الملة ؛ و متعدد الاعراق و الاقوام و القوميات وعلى مختلف المستویات, و يحاولون إثبات توجهاتهم القومية من خلال ذلك , في الواقع هم یناقضون أنفسهم ..
و على هؤلاء أن يعلموا أن تواجد العرب في ارض عيلام و التي تم تقسيمها اليوم و بصورة رسمية بين محافظتي ؛ الأهواز؛ و ؛ إيلام ؛ و تم إلحاق أجزاء أخرى منها إلى المحافظات المجاورة ، هو حضور و تواجد قديم ، بل أبعد من تواجدهم الذين يزعمون بأنه يعود إلى ٢٥٠٠عام .
فعلى هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالنخب ، عليهم فهم هذه الحقائق و أن يضعوا نصب اعيونهم ما آلت إليه الأمور في العراق وما حصل في كوردستان العراق ! لأن " الملك يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم " و الظلم الذي تتعرض له الشعوب في إيران و لاسيما الشعب العربي الأهوازي ظلم قديم و أن شاء الله لن يطول .
قرأت في مكان ما أن ؛ اندريه جيد ؛ و اندريه مورو ؛ كاتبان فرنسيان في القرن العشرين كانا يتجولان في مقبرة ؛ بانتئون ؛ الشهيرة في باريس و كانا يقفان عند بعض القبور يقرأن سبب الوفاة و كان مكتوبا على أحد القبور السبب هو؛ الانتحار ؛ قال أحدهم للآخرأنا سأقوم بالانتحارإذا تم منعي من عملي و تخصصي و هو " الكتابة " و رد عليه الثاني لكن أنا سانتحر إذا أجبروني على الكتابة في غير اعتقادي و قناعاتي ..
و انا هنا اؤكد أن الشعب العربي الأهوازي قد اقدم على " الانتحار" مرتين متزامنتين و دون أن يرغب بذلك ، المرة الاولى عندما حُرم و بصورة رسمية في المدارس من التعلم باللغة العربية ، والثانية عندما أجبرعلى التعلم باللغة الفارسية ' و التي هي على كل حال لغة أجنبية بالنسبة له ولم تكن لغته " الوطنية " و هذا ليس ظلما مضاعفا فحسب بل ظلم مركب و مستمر ، إذ أن هويته بكل ما تحمله من عناصر و ميزات قومية و ثقافية و دينية و تاريخية و حسب و نسب من ناحية و التعلم الاجباري بالغة الفارسيّة مع كل شوائبها ، من ناحية ثانية ، وضع هذا الشعب في " أزمة " حقيقية و إذا استمرالوضع على ما هوعليه سيؤدي إلى انهياروالذي سيكون له عواقب وخيمة على الهوية الوطنية الاهوازية.
إذا كانت حياة الفرد مرهونة بقطرة ماء و لقمة خبز فإن حياة و استمرارالمجموعة الوطنية أوالقومية تتجلى و ترتبط بالمكونات الثقافية لاسيما اللغة .
و تظهرأهمية هذا الأمر حيث مظاهر ؛ علم الإنسان الاجتماعي ؛ ( الانتروبولوجيا الاجتماعية ) .
كما ان معتقدات الناس الدينية في مختلف مناطق الشرق الأوسط من باكستان إلى فلسطين و من طاجيكستان إلى اليمن إلى حد كبير متشابهة ، إلا أن عامل التمييز بينها هو ( اللغة الوطنية ) في أبعادها التاريخية و الثقافية.
و في المحصلة النهاية أن هوية المجاميع البشرية تتشكل و يتم تعريفها وفقا للغة الرسمية التي يتم تدريسها بالاجبارأو بالاختيار في المدارس.
أن الشعب العربي الأهوازي يدرك بأن استحقاق الحكم الذاتي في إيران لا يقتصر عليه وحده بل هناك شعوب و قوميات أخرى تتوقع و تنتظر تفعيل هذا الأمر ، لكن على ما يبدو الحكام في طهران ليسوا على استعداد لتنفيذ أو حتى قبول هذه الرغبة من قبل تلك الشعوب.
كما أن دستور الجمهورية الإسلامية و الذي تم تدوينه في بداية الثورة لا يتجاوب مع مطلب الحكم الذاتي للشعوب، و زعماء إيران لا يرغبون طواعية تعديل أو تغيير بعض مواد هذا الدستور .
في حين ان عمل إصلاحات في الدستورالايراني لتلبية رغبة و استحقاق الشعوب و القوميات في إيران للحكم الذاتي هي ضرورة دينية و إنسانية و اجتماعية و تاريخية ، أي بعبارة أخرى الالتفاف عليها وعلى المشاكل الآخرى لا يحلها بصورة أساسية و جذرية.
و بالرغم من هذا الانتحارالثقافي المركب و المتواصل لأبناء الاهواز الا ان عليهم ان لا يجنحوا نحو الفوضى و الغوغائية ابدا ، و قبل كل شيء يجب النظر الى عدم التكافؤ في القدرات القائمة بينهم و بين الطرف الاخر ، بل عليهم و في غاية الطمئنينة و الواقعية إلى جانب تقييم الأوضاع والأحوال السياسية الراهنة ، و بالمقارنة مع بقية القوميات في إيران و الخارج و العلاقات القائمة بين طهران و دول المنطقة و السياسات الدولية و الأهم من كل ذلك تقييم قدراتهم السياسية والاقتصادية و العسكرية و الوجستية و من ثم النظر في الحلول الناجعة.
مما لا شك فيه ان اهتمام الشعب العربي الأهوازي بلغته الأم ، أي اللغة العربية القرآنية لا يعني أن بقية حقوقه القومية و الوطنية تبقى في طي النسيان وأنه غير مهتم بها ، أو أن هذه المجموعة الاجتماعية و التي هي هم قومية و هم وطنية لاتحمل مواصفات وشروط و كفاءات في كافة المجالات ، و إن القائمين على إدارة هذا الإقليم و من خلفهم المسؤوليين في طهران عليهم ان يعوا ان الاوضاع السائدة حاليا لن تدوم و ستاخذ منحى أسوابالنسبة لهم .
إن عرب الأهواز و الذين يُعدون بالملايين هم يشكلون مجتمعا إنسانيا راقيا و باستطاعتهم تشكيل دولتهم القومية وإدارتها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، لأن لديهم تجارب عملية في الماضي البعيد و الماضي القريب ، حيث قبل هذا شكلوا دولتهم المستقلة و يمتلكون التجارب التاريخية اللازمة ، إلى جانب أن هذه الأرض التي ورثوها من آبائهم و أجدادهم تحمل في بطنها ثروات طبيعية هائلة حتى وأن حُرموا منها في الوقت الحالي ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.