بقي الشعر الشعبي ومنذ أن ضم النظام الإيراني إقليم الأهواز او عربستان الى جسم الدولة الإيرانية الوسيلة الوحدة للتعبير عن أفراحه وإحزانه ،كما يمكن القول انه كان ايضا الوسيلة الوحيدة لعكس معاناته السياسية و الاجتماعية،كما بقيت إمكانية منعه من قبل النظام الإيراني أمر مستحيلا كونه يفرض نفسه على الشاعر ويلقيه ارتجالا ومنذ ثم بقى هذا الشعر محفوظ في الذاكرة الشعبية وتناقلته الأجيال جيل بعد جيل .
ومع تطور الحركة السياسية وما تلاها من تطور في وسائل الاتصال الجمعي أ،صبح الشعر الشعبي الاهوازي يسجل ويبث ليصل الى مسامع ومرآي الغالبية أبناء الشعب العربي الاهوازي وحتى انه أصبح عابر للحدود و له متابعين في البلدان العربية وخاصة بلدان الجوار.
ورغم أن شعراءنا الشعبين من كل الجنسين كانوا يدركون جيدا أن كلمة واحدة في شعرهم قد توصلهم الى السجن او حتى الى حبل المشنقة ، لكنهم استمروا في أناشد أشعارهم التي تعبر عن هموم شعبهم في جميع المناسبات سواء كانت إعراس او مأتم او في المسيرات والاحتجاجات التي تنطلق بين فترة وأخرى ضد النظام الإيراني.
لقد أدرك نظام ولاية الفقيه ظاهرة تأثيرا الشعر الشعبي في دعم وصيانة الهوية القومية للشعب العربي الاهوازي ورفع المعنويات ،بالإضافة الى تعرية النظام وفضح سياساته في شتى المحالات لاسيما في مجال مصادرة الأراضي وتغيير النسيج السكاني بغية طمس هويته القومية وتهميشه ،حيث وقف هؤلاء الشعراء بوجه هذا السياسات الاستبدادية الجائرة التي تمارس بحق هذا الشعب الأبي الصامد .
ردا على ادعاءات النظام الذي يحاول ومنذ عهد الشاه المقبور وحتى اليوم أن يصف الشعب العربي الاهوازي " بعرب زبان : اي " المستعربين " انشد الشاعر الاهوازي ستار صياحي " أبو سرور" المعروف بقصائده الوطنية وقد استشهد بطريقة غامضة عام 2012 بعد خروجه من السجن بعدة أيام مما يعزز الفكرة القائلة انه مات مسموما، حيث أنشد في هذا المجال قائلا :
احنه من أصل العروبة احنه مو مستعمرين
ونفتخر بين العروبة من نقول اهوازيين
للبطل ما نطخ هامه وحق سيد المرسالين
الحق خاوانه وخاويناه (1)
وفي سلسلة الاعتقالات وأساليب الاغتيالات التي يمارسها النظام بحق الشعراء من ابنا شعبنا العربي الاهوازي داهم الحرس الثوري منزل الشاعر الشعبي ناصر جبر الزركاني واعتدى عليه بالضرب إمام عائلته وأطفاله وقد تسبب هذا الاعتداء بإعاقة دائمة له وذلك في عام 2011 ، كما استشهد الشاعر أيوب خنافرة على طريق كوت عبد الله وبنفس الظروف وذلك عام 2016 ، بالإضافة الى أن هناك ثلاثة من الشعراء الشعبيين العرب وهم كل من طاهر سلامي وعباس جعاولة ألفاضلي وناظم هاشمي قد استشهدوا على اثر حادث مفتعل على طريق عبادان معشور عام 2018 ، .
و لعل الجريمة الجديدة التي ارتكبتها أجهزة الأمن الإيراني هي استهداف الشاعر الشعبي الاهوازي المميز و المبدع حسن حيدري من أهالي حي الشكاره إحدى ضواحي مدينة الأهواز و الذي توفي بشكل غامض يوم الخمس المصادف 10 نوفمبر 2019 وذلك بعد أن تم نقله على عجل الى إحدى مشافي مدينة الأهواز اثر ظهور أعراض التسمم عليه .
وكان الشاعر حسن حيدري قد تعرض للاعتقال تموز من عام 2018 من قبل السلطات الأمنية الخاصة التابعة للحرس الإيراني عدة مرات كان أخرها في تموز من عام 2018 ،حيث تم إطلاق سراحه بكفالة مالية ، ولكن منذ ذلك التاريخ وحتى وفاته كان يعاني من أزمة صحية حادة حتى حيث ظهرت عليه إعراض التسمم قبل نقله الى المستشفى على عجل، فارق على أثرها الحياة بعد وصوله إليها بوقت قليل مما يعزز فرضية اغتيال تمت عبر دس بعض المواد المخصصة للاغتيالات وهي حالة سبق وان تعرض لها الشاعر الاهوازي المعروف ستار صياحي .
هذا أكدت عائلة حسن حيدري أن حسن قبل اعتقاله كان يتمتع بصحة جيدة ولم يعاني من أي مرض يذكر و لكن بعد إطلاق سراحه بات يعاني من ألام المبرحة مما عززا النظرية القائلة أن أجهزة الأمن الذي قد دست له مادة قاتلة إبان فترة اعتقاله والتي كانت السبب فيما بعد في وفاته ،خاصة وان شعراء شعبين ونشطاء مدنيين ومثقفين عرب اهوازيين آخرين قد توفوا بعد خروجهم من السجن بشهور قليل وذلك بعد أن ظهرت عليهم نفس الإعراض ،على سبيل المثال لا الحصر ممكن أن نذكر الشاعر الشعبي المبدع ستار الصياحي ابو سرور .
ويعد الشاعر الشعبي حسن الحيدري من بين الشعراء الذين يحضون بالمحبة والتقدير من فبل أبناء الشعب العربي الاهوازي ،حيث انتشرت إشعاره عبر وسائل الاتصال الجمعي وبلغ عدد متابعي إشعاره بالآلاف.
من هنا فقد اثأر خبر استشهاد هذا الشاعر موجة من الغضب والاستياء داخل المجتمع الاهوازي ،حيث انطلقت موجة من المظاهرات عمت الغالبية العظمى من المدن الاهوازي ،كما شارك في تشيع جنازته جمع غفير من المواطنين .
تابع موقع الحوار المتمدن :