نحن الحلقة الاضعف !
بادئ ذي بدء ليست الغاية من وراء اختيارهذا العنوان و كتابة هذه السطور بث روح الإحباط و التشاؤم بين أبناء الوطن الأحوازي ، بل هو واقع لابد من تسليط الضوء عليه ، يكفي إلقاء نظرة على خارطة ما تسمى بجغرافية إيران حيث القوميات غير الفارسية تقع على أطراف و حدود هذه الجغرافيا و الدول المحيطة بها ، إذ نرى كل من القوميات : الكوردية و التركية و البلوشية و التركمانية لديها داعم و حامي على حدودها من الدول المجاورة لايران ، فمثلا ؛ الاكراد حيث يقعون إلى جوار كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي و يعملون على أن يكونوا جزءا من القومية الكردية الموحدة و التي أصبحت واقعا و تتحرك للانفصال عن العراق و تركيا و سوريا و إيران . .
أو البلوش الذين خلال نضالهم لنيل حقوقهم القومية يعتمدون على بلوش باكستان و يتبعون نموذجهم ، إذ بلوشستان هي في الأساس جغرافية واحدة تم تقسيمها بين إيران و باكستان ، و بلوش باكستان خلافا لبلوش إيران يتمتعون بنوع من الحكم الذاتي يمكن لبلوش إيران الاعتماد عليهم و هو فعلا ما يحصل على الأرض ..
كما أن التركمان الذين يجاورون جمهورية تركمانستان و التي تتمتع باقتصاد قوي نسبيا يطمحون بالإلتحاق بها ..
و أما الآذريين أوالأتراك و بالرغم من أن الكثير منهم يعتبرون أنفسهم إيرانيين لكن الذين يطالبون بحقوقهم القومية إلى جانب جمهورية أذربيجان هناك تركيا يمكنهم الاعتماد عليها .
ويبقى في هذا الوسط أبناء الاحواز حيث هم لا الى هؤلاء و لا الى هؤلاء وينطبق عليهم المثل الأحوازي ( لا حظت برجيلها و لا خذت سيد علي ! ) أي لا إيران ترغب بهم و لا العرب يتقبلونهم ! و كم من الخيبات لحقت بهم جراء كونهم عرب و لا أحد يدافع عنهم إذ تجمعهم مع العرب عدة مشتركات و أواصر من قبيل التاريخ و الجغرافيا و الثقافة و اللغة و القبيلة و الدين و يحملون نفس المشاعر التي تحملها الأمة العربية .. و مع كل هذا لا توجد دولة عربية تدافع عنهم ناهيك عن جامعة الدول العربية ، لا بل حتى بعض الدول العربية التي دعمت حركة التحرر الأحوازي كان دعمها تكتيكيا وليس استراتيجيا و في إطار مصالحها القطرية الضيقة و بل بعض هذا الدعم تحول إلى وبال على القضية الأحوازية حيث نشاهد ما حصل لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز فرع الدنمارك .. !
لأن لكل دولة عربية علاقاتها الخاصة و المنفردة مع إيران و لا تساوم على هذه العلاقة لصالح القضية الأحوازية . من جانب أن هذه الدول لاتتمتع بشيء من الديمقراطية حتى تستطيع الشعوب العربية و بعيدا عن المواقف السياسية الرسمية للانظمة العربية أن تقوم بدعم ا لشعب العربي الاحوازي .
و الانكئ من ذلك الكثير من بين هذه الشعوب و حتى فئة من المثقفين العرب منبهرون بالشعارات المزيفة التي ترفعها ايران و زعمها في الدفاع عن القضية الفلسطينة و تحرير القدس . !
و حتى اذا تجاوزنا الدول العربية البعيدة جغرافيا عن الاحواز مثلا مصر السيسي ، ماذا نتوقع من الدول العربية القريبة و المجاورة للأحواز ؟
فقد اصبح العراق بعد 2003 خنجرا في خاصرة الاحواز يتعاون و يتواطأ مع المحتل الفارسي ضد القضية الاحوازية .
اما الدول الخليجية الست المنقسمة على نفسها و منها من تتحالف و تتعاون مع ايران و منها من تعارض سياسات ايران التوسعية و تدخلاتها في المنطقة ، لم تستطع طوال الاربعة عقود الماضية وحتى بمساندة امريكا لها لم تستطع تحرير جزيرة "طنب الصغرى" ! من الاحتلال الايراني و اعادتها الى الامارات !
ناهيك عن الدول الغربية الكبرى مثل امريكا و الدول الاوروبية و من اجل مصالحها مع ايران ليست على استعداد ان تخطوا خطوة ولو صغيرة في صالح القضية الاحوازية .
و بالرغم من هذه الصورة القاتمة التي يعيشها الشعب العربي الاحوازي في الداخل و الخارج ، ماذا فعلوا ابناء الاحواز للخروج من هذا المازق و ازالة العقبات من امام طريقهم للوصول الى الاهداف المنشودة ؟
ففي الخارج لدينا اكثر من عشرة تنظيمات تحررية ترفع شعار التحرير الا انها لاتمتلك ادوات و وسائل هذا التحرير ، فمثلا بالمقارنة مع الاكراد الذين هم متحدون في نشاطهم في الخارج و يؤثرون و يحركون الشارع الكردي في الداخل و لديهم مايقارب 35 الف مقاتل ! و مثلهم ايضا البلوش ...
و في المقابل الى جانب تناحرها و اختلافاتها يقتصرعمل التنظيمات التحررية الاحوازية في الخارج على " تحرير " البيانات و نشرها على منصات التواصل الاجتماعي !
بالطبع كل الامال معقودة على أبناء الوطن في الداخل وهم وحدهم القادرون على اخراج القضية الاحوازية من الطريق المسدود ، وازالة العقبات من امامها و بالطرق و الاساليب التي يرونها مناسبة وفي اختيارهم و تحديدهم للاولويات و بعيدا عن الفوضى و الشعارات الرنانة و قد اثبتوا ذلك خلال اكثر من تسعة عقود من الاحتلال حيث جعلوا التمسك باللغة العربية ليس جزءا من الهوية القومية لابناء الاحواز بل هي " كل" الهوية الاحوازية و بالرغم من كل مؤامرات و دسائس المحتل الفارسي و الحرمان الذي يعانونه في المجال الثقافي و تعلم اللغة العربية .
أحمد رحمة العباسي