رواية بمناسبة يوم الشهيد الاحوازي
لم يعد أيّاً من الشهداء حاضرا معنا ليخبرنا كيف كانت رحلته الى الموت، لم يعد متواجدا ليحدثنا عن آخر خطواته التي سارها ليستقبل بصدره العاري رصاص العدو المسعور او تستقبل رقبته الشريفة حبل المشنقة، لم يعد اي من أولئك الذين قضوا تحت التعذيب يتواجدون ليحدثونا كيف تلقوا الضربات القاضية من أيدي جلادهم القذرة، لم يعد اي منهم ممكنا ان يحدثنا كيف كانت اخر نظراته الى قاتله السفاح، لم ولن يعود ايا من الشهداء ابدا، لكننا قد نعلم شيء من رحلتهم تلك الاخيرة في الحياة، وفي المقابل فاننا نشعر بكل ضربة رصاص أطلقت على صدورهم الزكية، ونشعر بكل خنقة حبل قضت على اخر انفاسهم الحرة ونتألم بكل صوط عذاب نزل على اجسادهم الطاهرة.
نعم، فنحن نشعر بكل ذلك حينما نسير خلف خطاهم لنكمل مسيرتهم نحو الحرية والتخلص من كل أنواع العبودية التي رفض كل شهيد ان يعيش تحت ظلها، وهكذا فضّل الموت على حياة العبودية والقهر.
لقد شعر أغلبنا بأحوال الشهداء عندما إلتقينا بعدة عوائل، منهم بعد ان تم تنفيذ جريمة الإعدام ضدهم طبعا .
كانت لأمهاتهم كلمات لا تنسى، فإحداهن حينما كانت تصرخ وتقسم بالرب ان ابنها كان له شكل اخر، قالت: ذهبنا لزيارته قبل تنفيد حكم الإعدام بساعات، وعندما أتوا به اندهشت من جماله، كان محلق ذقنه، وممشط شعره ومبتسم، وله رائحة غريبة لم اشممها من قبل، كان جميل كليلة عرسه) !!!
وقالت أخت شهيد اخر: لم أراه بهذا الجمال قط، وكأنه لم يكن اخي ابن أمي وكأنني لم اعرفه ابدا !!
وقالت أم لشهيدين: كانا أولادي الصغار كالطيور البيضاء، لم يسمح لي السجان بعناقهما، لكني شعرت بوجودهما في حضني وهما يقولا، سامحينا يا أماه !!!
لا اعتقد بأننا بحاجة ليعود احد هؤلاء الشهداء الابطال ليخبرنا عن رحلته المشرّفة البهية النقية الطاهرة عندما نستمع لأحاديث امهاتهم الماجدات، أنهن حرائر الاحواز، وأنهم قدوتنا الأبدية في طريقنا الى النجات والحرية والخلاص من واقع الظلم والعبودية .
المجد كل المجد لكل شهيد ضحى بدمه وروحه وحياته دون مقابل، وهو قد استشهد من اجل ان يعيش الوطن ونعيش نحن واياكم أعزاء كرماء .
آمنة هاني
يونيو 2020